أبيض وجه القمر ، صفحة من الزمن مليئة بالإبداعات التي تفرح الناظر ، وأبوابها الثمانية روافد الخير التي يستنشق منها الحجيج.
ساحة الجامع الأزهر هي واحة من العلم والفن ، تفيض بجوانبها الثمينة ، وبين جدرانها العتيقة تحمي لوحات من “الخطاطين الجدد” لتوطين روائع الخط العربي والزخرفة في منزله ، ” جامع الأزهر “، احتضانًا لإرث إبداعي ولد من عبير التاريخ.
من مختلف دول العالم ، كان المبدعون على موعد مع ملتقى الأزهر للخط العربي الذي أقيم في جامع الأزهر ، لتشكيل أعمالهم الفنية من خطوط ونقوش وألوان من اللؤلؤ المتناثرة على طول ممراته ، ولإيمان الأزهر الشريف بفن الخط العربي ، وأنه أحد جوانب الفن الإسلامي الذي وجد طريقه في الإبداع. كل عام كان يخصص لها منتدى يدعو إليه جميع الفنانين من جميع الجهات ، ومنذ العصور القديمة استخدموها لتزيين محاربيها وقبابها وعواصمها ومآذنها.
وسط كل هذا الجو الساحر. شهد “ملتقى الأزهر للخط العربي” ، منذ إنشائه ، حضوراً شعبياً هائلاً. توافد المئات من محبي الخط العربي ، من المصريين والأجانب ، لمشاهدة اللوحات المشاركة في المنتدى والاستمتاع بفنونهم التشكيلية التي تعكس الجوانب الجمالية للخط العربي ، وذلك لمجموعة مختارة من أهم وأكبر الفنانين من أكثر من خمسين دولة. حول العالم بحضور اكثر من 350 مشارك وينظم المنتدى منذ بدايته وحتى نهايته اكثر من 20 ورشة عمل لتعليم فن الخط العربي. نجاح كبير بعد حصوله على استحسان العديد من محبي هذا الفن التشكيلي.
ولعل من أبرز الأعمال التي شهدها الملتقى هذا العام ، مخطوطة “الوثيقة الإنسانية” للفنانة المصرية شيرين عبد الحليم ، الملقبة بطائر الخط العربي ، إيمانًا منها بأن الوثيقة والفن لهما معاني مشتركة.
شهدت لوحة الفنان المصري محمد إبراهيم مؤسس مدرسة تحسين الخط بالإسكندرية وكبير الخطاطين في مصر إقبالا كبيرا من الزوار الذين وقفوا مندهشين أمام لوحته التي كتبها بيده طوال الوقت. القرآن الكريم يستغرق ستة أشهر في التحضير حتى يفرغ منه على صحن ورقي صغير لا تزيد مساحته عن عشرات السنتيمترات.
فيما أشاد الزوار الذين يحبون فن الزخرفة والخط العربي بلوحة الفنانة الإيطالية “أنتونيلا ليوني” ، معربين عن إعجابهم الكبير بجمالها وما تحتويه من فنون زخرفية وجمالية رائعة. والمفارقة أن اللوحة تعرض رسمًا زخرفيًا مميزًا لواحدة من أهم الأحداث الإسلامية وهي قصة “الإسراء والمعراج” التي تتناول وصفًا دقيقًا وإبداعيًا للمراحل العديدة لهذه المهمة. حدث إسلامي.
واهتم الزوار بالحصول على عدد من اللوحات المعروضة التي جذبت ألوانها وخطوطها انتباههم ونالت إعجابهم ، ومنها لوحة “الشرقيات” لمفوض المنتدى الفنان إسماعيل عبده ، والتي أكد فيها أن النقطة هي بداية السطر ، وأن الخط هو بداية الكلمة والكلمة التي سبقت الحضارة ، وكان الضوء الذي ينير الطريق لها عبر الزمن ، واللوحة تجسد تشكيلات الحروف بالخط الديواني ، طبقات واحدة فوقها من جهة أخرى ، تتخللها شفافية الحرف ، وخروج اللون من بداية النقطة صعودًا إلى مساحة الصم.
هذا هو الجامع الأزهر الذي كان ولا يزال قائما حتى اليوم ، مآذنه تتحدى الزمن ، وتصل إرساليات علمائه إلى السحاب ، وقبلة العلم ، وواحة الفن في الخط والزخرفة والعمارة ، وإعلان الحق و. داعيا اليها ما دامت اسوارها ومآذنها باقية.
التعليقات